دعم الأعمال في العراق يعيد الأمل و الحياة إلى الحويجة
نشرت: ١٤/٠٧/٢٠٢٢ وقت القراءة: 4 دقائقصورة شخصية للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش تزين الحائط فوق مكتب جلس خلفه بائعين يتابعان بتمعن هاتفيهما. من الصعب عدم تخيل أن النظرة المتجهمة للشاعر الكبير لا تتوجه بنوع المحاكمة للشابين الذين يجلسان على بعد ذراع من رفوف مليئة بالأدب العربي و العالمي و التي تفشل حالياً في جذب انتباههما بعيداً عن اليوتيوب.
المكتبة الوحيدة في الحويجة فتحت أبوابها منذ سنتين. هي ليست فقط قاعدة أمامية للثقافة، لكنها أيضاً أرشيف مفتوح، معطيةً المساحة لعمل الكتاب المحليين الذين يبقون تاريخ الحويجة و العراق خالداً.
من خلال التدريب على إدارة الأعمال و المنح المالية، تساعد منظمة الناس في حاجة PIN النساء العراقيات على تأسيس و إدارة أعمالهن، مثل مكتبة السلام.
مكتبة السلام
"واحد من أكثر الكتب التي نبيعها هو رواية عراقية تدعى (شواطئ الملح و الدم) لأنها تتحدث عن الحقيقة و الحرب التي حدثت في الحويجة و العراق،" قال سعيد، و الذي تمتلك أمه زينب المكتبة. "نحن نعمل على كتاب و مجلة لتوثيق الأحداث التي حدثت في منطقتنا و المحطات الهامة في تاريخ الحويجة."
أهمية المكتبة لا يمكن فهمها. منطقة الحويجة، مثل الكثير من المناطق ما زالت تكشف آثار الدمار الذي خلفه حكم داعش. الطوابق العليا في كثير من الأبنية ليست سوى حطام اسمنتي رمادي اللون، و التي ينز منها قضبان حديدية. الأعمال تستمر كما المعتاد في الطوابق السفلية، بالرغم أن الدمار في الطوابق العليا يهددهم في كل لحظة.
بالرغم من كل ذلك، تمثل مكتبة السلام ملجأً صغيراً للتنوع و الغنى الذي كانت عليه المنطقة في الماضي، مع الترجمات العربية لروايات (1984) و (الشيخ و البحر) التي تصطف بجانب النصوص المحلية حول الدين و السياسة و سنوات حكم نظام صدام حسين. كذلك يقوم القائمون على المكتبة بأخذ رسالتهم إلى الآخرين: " نحن نقوم بجولات على المدارس لتشجيع الطلاب على القراءة،" قال سعيد.
"لقد اخترنا هذا المشروع لأنه لم يكن لدينا أي مكتبة في المنطقة لذلك سوف تكون مفيدة و سوف نحقق الربح منها،" قالت زينب، صاحبة المكتبة. "بفضل المنحة، كنا قادرين على شراء أجهزة حاسوبية جديدة و طابعات و التي ساعدتنا على طباعة المزيد من الكتب و زيادة إنتاجيتنا."
ما بعد تاريخ العراق الغني ثقافياً، مختلف مناطق البلد خصوصاً القريبة من نهر دجلة معروفة بعروض الطهي الخاص بها، خصوصاً سمك المسكوف، طبق حار لسمك الكارب المشوي. بحسب واحد من مستفيداتنا، رغد، السمك يبقى مفضلاً في موسم شهر رمضان المبارك.
وضع سمك الكارب على قائمة الطعام من جديد.
تسحب رغد أقفال الباب من الأرض التي تتأرجح بيدها بينما تفتح الباب الحديدي إلى حوض الأسماك الداخلي. "بمال المنحة، اشتريت المزيد من السمك، مولدة كهربائية و مزودة أوكسجين للماء من أجل أن يبقى السمك طازجاً،" قالت رغد.
من أرباح بيع السمك، رغد ليست فقط قادرة على دعم عائلتها بل الاستثمار في التوسع: "العمل جيد، الناس يشترون مننا. لم يكن لدي أي دخل من قبل و لكن مع ما يأتيني من المحل أنا قادرة على دعم أطفالي،" قالت. "أنا أفكر بتوسيع المحل و الديكور الخاص به لجعله أجمل من أجل أن يجذب المزيد من الناس."
تحليل السوق الذي قامت به PIN تأكد أكثر من مرة، قبل التدريب، أن محل بيع الأسماك سوف يكون ذو مدخول جيد في الوضع الاقتصادي الحالي في الحويجة. بعد هذه المرحلة، وصفة النجاح كانت بسيطة و منخفضة التكلفة: تدريب لمدة شهرين عن بعد على: حفظ السجلات، المبيعات، التسويق، المحاسبة و خدمة الزبائن و تبعها منحة مالية بقيمة 1,000 دولار أميركي.
" السمك هو طبق مفضل للعراقيين، هم يحبونه كثيراً و يشعرون بالسعادة عندما يكون على مائدتهم. أحياناً يدق بعض الأشخاص الباب علينا ليلاً طلباً للسمك حتى عندما نكون قد أغلقنا المحل."
تأثير الأعمال الصغيرة على حياة عائلة واحدة قد يكون كبيراً، كما توضح مقابلتنا التالية.
التجارة من غرفة المعيشة
نافذة كبيرة و مبقعة ببقع صفراء تعطي مشغل رادا في المنزل نوعاً من الجو الدافئ مما يجعل الألوان تهتز بالحياة من القماش للفستان الجديد التي انتهت من العمل عليه. "قبل التدريب لم يكن لدينا أي فكرة عن التجارة، و لكن بعده أصبح لدينا فكرة أكثر وضوحاً حول كيفية شراء القماش، الأسعار، تحسين مهاراتنا و كيفية التعامل مع الزبائن بأفضل طريقة ممكنة،" قالت رادا.
بالمساعدة القليلة المقدمة من PIN، رادا كانت قادرة على توسيع عملها في الأقمشة. أرباحها لا تساعد فقط على دفع الإجار و لكن ضمان أن يقدر أولادها على دفع تكاليف دراستهم الجامعية.
الآن رادا تريد أن توسع عملها إلى ما بعد صنع الفساتين لتضمن قطع أضخم: "محلي صغير و بعيد عن السوق الرئيسي مما يحد من زبائني و قدرتي على العمل على قطع أكبر مثل الستائر. لذلك، أنا سوف أوسع عملي و أحصل على محل أكبر في السوق."
لما يتم التركيز على النساء في هذه المشاريع؟
التقدم نحو المساواة الجندرية يسير بخطوات بطيئة في العراق.
في الوقت الذي ازداد فيه تمثيل النساء في البرلمان العراقي خلال التاريخ الحديث، إلى ما يشكل تقريباً ربع مقاعد البرلمان، العادات الاجتماعية المحافظة مازالت تفرض قيوداً على مشاركة النساء في التعليم و التوظيف.
بناءً على معلومات منشورة من قبل هيئة الأمم المتحدة للمرأة، النساء العراقيات في عمر العمل هم أكثر بثلاث مرات عرضة لعدم الحصول على وظيفة من الرجال من نفس العمر، مع أكثر من 30% منهن حالياً بدون عمل. هذا يستمر رغم أن النساء تستمر بإظهار مقدرات تنافسية عالية. العوامل مثل نسبة تسرب كبيرة من المدرسة، الزواج المبكر و التوقع من النساء ان يقمن بحمل عبء الأعمال المنزلية و تستمر أعمال الرعايا في خنق فرص دمج النساء في سوق العمل.
لهذه الأسباب، مشروع PIN يستهدف النساء من أجل تحسين استقلالهن المادي.