لم يعد هنالك حاجة للتنقل عبر سيارات مختلفة: منظمة الناس في حاجة تعيد الرعاية الطبية من جديد لمسافة مشي على الأقدام لآلاف السوريين

نشرت: ١٠‏/٠١‏/٢٠٢٢ وقت القراءة: 4 دقائق
لم يعد هنالك حاجة للتنقل عبر سيارات مختلفة: منظمة الناس في حاجة تعيد الرعاية الطبية من جديد لمسافة مشي على الأقدام لآلاف السوريين
© Foto: PIN

"أحد أولادي كان مريضاً و كان يجب أن نأخذه ليلاً إلى أقرب مدينة،" تقول آية*، 33، من قرية ريفية في شمال سوريا. "كان يجب علينا أن نبحث خلال الليل عن أي سيارة قد تأخذنا. عندما وصلنا، لم يكن بإمكاننا إيجاد أي طبيب. لقد كانت تجربة مرعبة."  

الكثير من الأشخاص في شمال سوريا قد تشاركوا نفس التجربة مع آية. أقرب مركز صحي يبعد حوالي 60 كم، على طول طريق منهار. وسائل النقل العامة غير متواجدة في هذه المناطق الريفية، هذه العائلات إما يجب أن تركب مع الغرباء لرحلة مدتها ساعتين لأقرب مركز صحي أو أن تذهب إلى أقرب عيادة خاصة. أسعار العيادات الخاصة تجعلها خيار غير مقبول لأغلب العائلات.

"الآن، منذ افتتاح المركز الصحي، ليس لدينا أي قلق حول هذه المسألة،" تقول آية.

اليوم، يقف المركز الصحي الذي تم إعادة تأهيله في قرية أية. المركز كبير بما يكفي ليخدم 50،000 شخص يعيشون في 120 قرية مجاورة. في أيلول 2021 خلال الأسابيع الأولى من الافتتاح، المركز كان لديه زيارات من 40 امرأة و 50 طفل كل يوم. 

"البناء كان خارج الخدمة منذ 2012،" يقول علي*، 32 سنة و قائد الفريق الطبي في المركز. "اليوم، تم إعادة تأهليه من قبل منظمة الناس في حاجة و هو بأفضل شكل. لدينا ثلاث عيادات: واحدة للنساء، الأطفال و الأمراض الداخلية." قسم الحوامل و الولادات هو ذو الأثر الأكبر، بما أن النساء الحوامل و الأمهات هم المراجعون الأوائل للمركز. يخبرنا علي أنه في كثير من الحالات، تلد النساء على جانبي الطريق في طريقهم إلى المستشفى.

الآن، لديهم مكان آمن ليتم رعايتهم خلال كل مراحل الحمل.

"لدينا سيارة إسعاف مجهزة بالكامل و فريق إسعاف مدرب،" يقول علي، "يمكنهم المساعدة في الحالات الخطيرة و وتقديم الرعايا الصحية الأولية و الاهتمام بالمريض حتى يتم إيصاله إلى أقرب مستشفى." المركز الصحي يقدم أيضاً أدوية بتكاليف منخفضة للمرضى.

عملت منظمة الناس في حاجة عن قرب مع بلدية القرية و اللجنة الطبية لضمان أن يتم تغطية أكبر قدر من الاحتياجات عن طريق هذا المشروع. متعهد محلي قاد عمليات إعادة التأهيل، موظفاً حوالي 60 شخص من المجتمع نفسه و المناطق المحيطة المتأثرة بالمركز.

"اليوم، كل المهندسين و الأطباء يرحلون لأنه لا يوجد عمل لهم،" يقول مصطفى،42، عضو سابق في المجلس المحلي. "هم يسافرون و يعملون في بلدان أخرى في الوقت الذي تحتاجهم مجتمعاتهم." 

يشرح مصطفى كيف أن منطقته كان بالأساس زراعية، و المجتمعات هناك اعتادت على تصدير الطعام من أجل أن يكفوا أنفسهم قبل الحرب. الآن، هم يستوردون كل الطعام بسبب قلة الاستثمار في القطاع الزراعي و الاقتصادي بشكل عام، و الذي يؤثر ايضاً على استدامة فرص العمل. "الناس يجب أن يكون لديهم فرص محترمة من أجل أن يبقوا هنا و يساهموا في إعادة بناء بلدنا. ما نحتاج إليه هو أن يعود ناسنا إلى هنا و يعيدوا بناء المنطقة،" هو يقول.

حاجات الناس في هذه المنطقة عالية، مع الكثير من الأمهات ينتظرن دورهن ليتم رؤيتهن من قبل الطبيب يشرحن للمنظمة أنهم ليس لديهم المال الكافي لشراء الطعام و إطعام أولادهم أو حتى شراء الأدوية التي يتم وصفها لهم، بالرغم من الأسعار المخفضة.

رنا، منظفة المركز و البستانية، تردد هذه العبارة. تقول أن الوضع في المنطقة سيء، "بسبب الحرب. الكثير من الشباب إما هاجروا أو ماتوا." زوجها كان واحد منهم. قتل منذ خمس سنوات و تركها لوحدها مع خمس بنات و ثلاث أولاد – الأكبر عمره 16 سنة فقط.

"في الماضي، لم يكن لدي أي مال لشراء الخبز،" تقول. "كنت أنتظر الأقارب لشراء الأكل لنا أو من أجل أي نوع من المساعدة."

الآن، رنا واحدة من 40 موظف في المركز الطبي. "أنا متحمسة جداً و مليئة بالطاقة،" تقول عن عملها. "لا أيمكن الانتظار حتى نهاية الشهر حتى أستلم راتبي، أشتري الحاجات لأسرتي و أدفع بعضاً من ديوني." بسبب أوضاعهم الاقتصادية، لم تكن قادرة على إرسال أطفالها إلى المدرسة. مع هذا الدخل الجديد، رنا تحلم بحصول أطفالها على التعليم حتى يصبح بإمكانهم إيجاد استقرارهم لاحقاً في الحياة.

"لا يمكننا أن نحلم بشكل أكبر من هذا لأننا خرجنا للتو من كارثة،" تقول، "كل أحلامنا صغيرة و هي أن تبقى الحياة بدون حرب أو مشاكل و إيجاد احتياجاتنا الرئيسية."

عشر سنوات من الصراع تركت الاقتصاد السوري مدمر، و ضربت القطاع الصحي بقوة. سواءً كان تدمير للأبنية أو فقط ضرر للقطاع الطبي، العائلات تنجو فقط لتضع طعام على مائدتها و أحياناً يتناسون حاجاتهم الطبية الأساسية.

إعادة تأهيل الأبنية الطبية غيرت هذه المعادلة: بكلمات مصطفى، "(المركز هو) إنجاز عظيم، لأنه يقدم للناس هنا على الأقل واحد من حقوقهم الأساسية – الحق في الرعاية الطبية."

بفضل التمويل من مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تم إنجاز هذا المشروع من خلال دعمهم الكريم.

* الأسماء تم تغيرها لضمان الحماية.

 


Autor: PIN