تبادل الخبرات قد يحمل المفتاح لتجديد القطاع الزراعي في العراق
نشرت: ١٦/٠٢/٢٠٢٢ وقت القراءة: 4 دقائقفي الغالب يكون من الصعب أن يتم الجمع ما بين أولائك الذين يعملون بإيديهم في الحقل، و الذين يقضون أيامهم في قاعات المحاضرات و المكتبات. عادة، المجالان قلما يلتقيان، حتى عندما تتشاركان المجموعتان بالاهتمامات نفسها. بالرغم من أن الهندسة الزراعية تبقى موضوعاً مهماً و له شعبية في الجامعات عبر الشرق الأوسط، فإن فرص الطلاب للتحدث بشكل صريح مع الفلاحين قليلة.
لزيادة مثل هذه الفرص، تعمل منظمة الناس في حاجة (PIN) يداً بيد مع برنامج الغذاء العالمي في العراق (WFP) لتدريب مستشارين مستقبليين من أجل دعم الجهود التي تسعى لتحقيق زراعة مستدامة و ذكية مناخياً، تقديم المعلومات الازمة لعائلات الفلاحين، و مواجهة التحديات المناخية الجديدة في المنطقة
لم يكن التوقيت لمثل هذا التبادل أكثر ضرورية من اليوم: في محافظة صلاح الدين في شمال العراق، تضرب أزمة مائية قلب القطاع الزراعي العراقي، مهددة بقاء سبل العيش التقليدية و النزوح التدريجي للمجتمعات التي تعتمد عليها.
" أغلب المواضيع موجهة للمزارعين العراقيين و العراق بشكل عام. نحن نركز على كيف يمكن للمزارعين العمل في ظل مناخ متغير، و نسلط الضوء على الممارسات الحالية و التي قد تسبب الضرر للنظام البيئي، و نتحدث حول أهم أنواع البذور و الأشجار التي يمكن أن تنمو و تنتج في ظل الظروف المناخية الجديدة التي نواجهها اليوم،" يقول محمود، 28، واحد من المدربين الذين يساعدون الطلاب.
المدربين الستة لديهم اختصاصات مختلفة، يركزون على مواضيع متنوعة مثل تنوع التغذية، الأمن الغذائي، زراعة المحاصيل، و الاستخدام الأمثل للأسمدة و المبيدات الحشرية. معاً، يقومون بتدريس 50 طالباً على أفضل الطرق للتواصل مع الفلاحين بمختلف أعمارهم، خلفياتهم، ثقافتهم و خبرتهم.
"قبل التدريب، لو سألني واحد من الفلاحين عن شيء ما خارج اختصاصي، لم يكن باستطاعتي أن أجيب. لكن الآن لدي رؤية أوسع و معلومات أكثر حول اختصاصات متعددة في الزراعة، لذلك أنا قادر على أن أعطي الفلاحين أحدث و أدق المعلومات التي تساعدهم،" يقول يوسف، طالب هندسة زراعية.
تغير الممارسات الضارة
كذلك يسلط يوسف الضوء على بعض التحديات المحددة للزراعة في العراق مثل الاعتماد المستمر على المبيدات و الأسمدة، و التي من بينها ما هو محرم من قبل منظمة الصحة العالمية.
" يستخدمهم الفلاحون دون معرفة علمية و لا يتبعون إرشادات المصنع. و هذا يسبب ضرراً كبيراً للبيئة و مشاكل للصحة. كما يفسد الزراعة في المنطقة. المبيدات القديمة أغلى ثمناً و أكثر ضرراً للبيئة و الصحة، بينما الجديدة أقل ضرراً و أرخص ثمناً،" يقول يوسف.
كوسيلة لمعالجة هذه المشكلة بشكل بناء، يشارك المدربين قصص نجاح من الفلاحين الذين بدأوا بالحصول على المنافع من استخدام التقنيات الحديثة و كيف أنها زادت من إنتاجيتهم بينما قللت من التكلفة.
كما يضمن المدربون معلومات حول التغذية، التنوع الغذائي، أو زراعة المحاصيل خلال التدريب. أغلب الفلاحين في هذه المنطقة يزرعون إما طماطم أو بامية، هؤلاء المدربون سوف يشرحون لهم كيف أن تنويع محاصيلهم سوف يضيف منافع لهم سوف تساعدهم على تحسين التنوع الغذائي المحلي
"في موسم الطماطم، تكون الأسعار منخفضة جداً بسبب وجود فائض كبير في السوق المحلية. لذلك أغلب الطماطم تفسد لأنه لا توجد أي معامل لمعالجتها إلى منتجات مستدامة أكثر. كما يفتقد الفلاحون للمعلومات حول كيفية تسويق منتجاتهم. بسبب هذا نريد من الفلاحين أن ينوعوا محاصيلهم من أجل أن يكسبوا دخلاً أعلى،" يقول محمود.
"من الصعب أن تجد فلاحاً لديه معلومات حول التغيير المناخي."
"درجات الحرارة صيفاً تزداد من سنة إلى أخرى. في هذه الأيام، تصل إلى خمسين درجة، و تبقى كذلك لعدة أيام بما يؤثر على المحاصيل و الإنتاجية،" يقول يوسف.
جزء من التدريب يركز على التخفيف من آثار التغيير المناخي على المحاصيل و الإنتاجية. الطلاب المتدربون يمكنهم الآن شرح تأثيرات التغيير المناخي للفلاحين و إرشادهم حول كيفية حماية محاصيلهم من درجات الحرارة العالية.
"إذا دربنا الفلاحين على استعمال الزراعة الذكية مناخياًن سوف توفر كمية كبيرة من المياه و سوف تقلل من مساحة الأرض التي يحتاجونها للزراعة. في نفس الوقت، نحن نشجع الفلاحين على زراعة المزيد من الأشجار لاستعادة التوازن البيئي في المنطقة:" يقول يوسف.
تدريب الفلاحين هو بداية فقط. الطلاب المتدربون قاموا بإنشاء مجموعات عبر تطبيق واتساب أب للمتابعة مع الفلاحين، الإجابة على أسئلتهم، تزويدهم بالمواد، و في حال معينة عند الحاجة، زياراتهم من أجل المساعدة.
"حتى لو بدأنا من منطقة صغيرة، نأمل أن تقودنا نحو خطوات أكبر في كل العراق. أمل أن نتمكن من تغير طريقة تفكير الفلاحين حول الزراعة،" يقول محمود.
وصف المشروع:
سويةً مع برنامج الغذاء العالمي في العراق (WFP)، منظمة الناس في حاجة (PIN) تحسن الأمن الغذائي و الممانعة للنساء و الرجال المهمشين العائدين إلى صلاح الدين. كجزء من المشروع تقوم PIN بتدريب المدربين المستقبليين من أجل دعم الجهود للانتقال نحو زراعة مستدامة و ذكية مناخياً، تقديم المعلومات الضرورية للفلاحين، و مواجهة التحديات المناخية الجديدة في المنطقة. بفضل هذا، الفلاحون يتعلمون كيفية الزراعة باستخدام مياه أقل، استخدام مياه الزراعة، زراعة محاصيل في غير موسمها، و محاربة الأمراض و الحشرات التي تؤثر على محاصيلهم.
شكر خاص للتمويل من الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي و التنمية لاستثمارها في سبل العيش المستدامة للفلاحين العراقيين و مستقبلهم.