حقيقة مؤلمة: الملايين في شمال سوريا يفتقرون القدرة للوصول إلى مياه نظيفة

نشرت: ٠٢‏/٠٤‏/٢٠٢٣ وقت القراءة: 5 دقائق
طفل سوري يغسل يديه بفرح من صنبور المياه الذي ركبته منظمة الناس في حاجة في بيته
© Foto: PIN Syria

في عالم اليوم الوصول إلى المياه النظيفة هو حق إنساني، الكثير من القرويين السوريين وجودوا أنفسهم محاصرين وسط أزمة مائية منذ أكثر من عقد من زمان.

الوصول إلى المياه النظيفة هو حق أساسي من حقوق الإنسان، بالرغم من ذلك المليارات من البشر حول العالم محرومون من هذا الحق الأساسي. في شمال سوريا، ظهرت أزمة مياه منذ سنوات والوضع يتجه للأسوء بسبب الأزمة المستمرة في المنطقة. في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمياه من الضروري إلقاء الضوء على الأوضاع الصعبة التي يعيشها سكان شمال سوريا، والذين يواجهون أزمة مياه حادة وقلة القدرة إلى الوصول إلى مياه شرب نظيفة. الصعوبة في إيصال مياه صالحة للشرب تعني أنه يتوجب على الناس الاعتماد على مصادر مياه غير آمنة مما يتسبب في حدوث أمراض بسبب تلوث المياه وانتشار مرض الكوليرا.

أكثر من نصف سكان شمال سوريا يعتمدون لتلبية احتياجاتهم اليومية على مصادر بديلة وغير آمنة لمياه الشرب. واحد من أكثر القضايا إلحاحاً والتي يواجهها السكان في شمال سوريا هي جفاف الآبار والمياه الكبريتية والمالحة والتي لا يمكن استخدامها للشرب. المصدر الرئيسي لمياه الشرب في المنطقة هو نهر الفرات، حيث تقوم محطات الضخ وشبكات المياه بتوفير المياه للقرى المحيطة. لكن عدم كفاية محطات ضخ المياه والأعطال في أجزاء من شبكات المياه تسبب في معاناة للناس من أجل الحصول على مياه الشرب.  

في 2021، توقف محطات ضخ المياه في شمال سوريا عن العمل لمدة ثمانية أشهر بسبب قلة مستوى مياه نهر الفرات، وأكثر من بئر جف بالكامل. هذا ما أجبر الكثير من الناس على شراء الماء من صهاريج المياه التي يقوم أصحابها بملئها من الأنهار الملوثة حيث أن المياه تكون غير صالحة للشرب ولا يتم تعقيمها. إن استعمال هذه المياه يسبب انتشار الأمراض الناتجة عن تلوث المياه مثل الكوليرا والتي تهدد حياة الكثير من الأشخاص. حتى الآن أكثر من 60,000 حالة كوليرا تم تسجيلها منذ بداية الصيف في سوريا.

لم يكن الأمر كذلك سابقاً. قبل الحرب، 98% من سكان المدن السورية و92% من سكان الأرياف كان لديهم مصادر مياه شرب نظيفة. لكن، موارد مياه الشرب السورية انخفضت بنسبة 40% خلال العقد الماضي من الحرب.

"بعد الحرب، تضررت شبكات مياه الشرب ولم يتم إصلاحها منذ ذلك الوقت،" يقول خالد، 55 سنة، رجل سوري يعيش في شمال سوريا. "يشتري الناس المياه من الصهاريج التي تقوم بتعبئتها مباشرة من النهر دون تعقيهما ودون التأكد من كونها صالحة للشرب."

خالد هو واحد من القرويين الذين يعانون من أزمة المياه منذ سنوات كون المياه التي يستخدمها غير صالحة للشرب وقد جف البئر الذي كان لديه. "المياه في البئر غير صالحة للشرب. لذلك، قبل الدعم المقدم من منظمة الناس في حاجة كنت أضطر كل يوم لقطع مسافر ثمانية كيلومترات كل يومين من أجل تعبئة 20 ليتر من مياه الشرب من محطة الضخ. الآن المياه متوافرة من الصنبور في منزلي."

سببت أزمة المياه في شمال سوريا قلة في مياه الشرب الآمنة وارتفاع تكاليف نقل المياه وانتشار الأمراض بسبب تلوث المياه بسبب استعمال مياه الشرب غير الآمنة وعدم توافر المياه بسبب قلة صيانة المضخات. محطات ضخ المياه هي المصدر الوحيد لمياه الشرب المعالجة. سبب غياب الصيانة الدورية وآثار الحرب بتضرر شبكات المياه، مانعاً مياه الشرب من الوصول إلى العائلات في القرى البعيدة.

"تعاني قريتنا من شح كبير في المياه، خصوصاً خلال فصل الصيف مما يسبب الكثير من الكوارث،" يقول علي، 65 سنة، والذي يعيش في شمال سوريا ولديه عائلة مكونة من أربعة أطفال. 

"لدي قطيع من الغنم وبقرتين. إن لم أكن قادراً على توفير المياه لعائلتي فكيف يمكنني أن أروي الماشية؟"

علي، 65 سنة، يعيش في شمال سوريا

اعتاد علي أن يملئ خزانه ذو الخمسة آلاف ليتر من مياه النهر بحيث يستطيع أن يوفر المياه لعائلته ولماشيته، بالرغم من معرفتهم أن المياه غير نظيفة ولكن ليس لديهم أي خيار أخر. "إن الحصول على المياه بهذه الطريقة ليس فقط غير آمن ولكن مكلف جداً. راتب العامل اليومي 15،000 ليرة سورية والتي بالكاد تكفي لتغطية احتياجات الطعام والشراب ليوم واحد. إن لم يعمل العامل ليوم واحد، لن تحصل عائلته على مياه للشرب." يضيف علي.

مؤخراً تقوم منظمة الناس في حاجة بإنهاء عمليات إعادة تأهيل شبكات المياه في قريتين متضررتين من نقص المياه حيث تضم المنطقتين مساحات شاسعة وكثافة سكانية كبيرة. ساهمت عمليات إعادة تأهيل شبكات المياه في توفير مياه نظيفة ومعقمة ومياه صالحة للشرب لسكان القريتين. 

علي وخالد هما اثنين من 500 ألف فرد استفادوا من هذا الدعم.

"بفضل هذا العمل، تم توصيل المياه مباشرةً إلينا بضغط مناسب. يمكننا الآن شرب مياه نظيفة ومعقمة في منازلنا." يضيف علي. "بعض الناس لم يكونوا قادرين على تحمل كلفة شراء صهاريج المياه. لقد عادت الحياة إلينا مع عودة المياه بعد غيابها لأكثر من عقد." يختم علي حديثه.

إن إدارة المياه المستدامة هي أمر ضروري لضمان أن المياه النظيفة والصالحة للشرب متوافرة للاستهلاك البشري والزراعة والصناعة والاستخدامات الأخرى. يساعد ذلك في ضمان أن مصادر يتم استخدامها بالشكل الأمثل وبعدالة وباستدامة. كذلك يساهم في بناء المرونة في المجتمعات والأنظمة الاقتصادية ويساهم في تقليل انبعاثات الكربون

دون نهاية واضحة للأزمة التي تدمر حياتهم، يستمر ملايين السوريين بالسعي للحصول على مياه شرب نظيفة. وصلت بعض المناطق إلى النقطة التي فقدت فيها الوصول إلى الخدمات الأساسية. هذه الأزمة الإنسانية تتطلب مسؤوليات جماعية، لم تنتهي إلا عندما يتم توفير هذه الاحتياجات. حتى ذلك الوقت، سوفر تستمر معاناة السوريين لمستوى لا يمكن تصوره من الحرمان. 

تقوم منظمة الناس في حاجة بإجراء صيانة للأجزاء المتضررة من المحطات وتركيب أجزاء جديدة للتعقيم باستعمال الكلور. كما يتم توفير التدريب التقني لموظفي المحطات والأقسام وعمال التشغيل مما يغطي بناء القدرات في مجالات الكهرباء والميكانيك وأجهزة التعقيم بالكلور والإدارة والأرشفة. بالإضافة إلى ذلك، حسنت منظمة الناس في حاجة من قدرة الوصول إلى المياه لأكثر من 200 ألف شخص في سوريا خلال السنة الفائتة لوحدها. هذا النجاح تم تحقيقه من خلال عمليات التعقيم وإزالة المخلفات ومشاريع المياه والنظافة والتعقيم في المدارس.


Autor: زينب مايلادان، منظمة الناس في حاجة سوريا

مقالات مرتبطة