التغلب على كلمة "لا أستطيع": تجاوز الشلل في زمن التهجير
نشرت: ٠٢/٠٨/٢٠٢٢ وقت القراءة: 3 دقائق"يوم السبت 28 نيسان، 2012. أتذكر هذا التاريخ بشكل جيد. مساءً، كنت ذاهباً إلى الفرن لشراء بعض الخبز على دراجتي النارية عندما تعرضت لطلق ناري."
قبل إصابته، كان أحمد يملك ورشة لتصليح السيارات في الريف الغربي لحلب. كان ميكانيكياً ماهراً، و كان قادراً على تلبية احتياجات أسرته بشكل مريح. "لقد كان لدي سمعة جيدة. كان لدي حلم بمنزل جميل و سيارة. بعد إصابتي، فقدت ذلك الحلم."
الرصاصة التي أصابته وضعت حداً لعمله و تركته مشلولاً من خصره حتى أسفل قدميه. ما أتى بعد ذلك كان سلسلة من الزيارات لمشافٍ عديدة عبر تركيا و سوريا. بعد 11 جراحة و بعد التعقيدات المهددة للحياة، خسر أحمد نصف وزنه الذي كان عليه قبل الجراحة. "جسدي كان متعباً. شعرت أني أداة للاختبارات." قال لنا، "جسدي كان ضعيفاً جداً."
في البداية، كان أحمد يأمل باستعادة قدرته على المشي، و لكن مع مرور الوقت بدأ هذا الأمل بالخفوت. "كان لدي خيارين: إما أن أستسلم أو أن أتأقلم مع وضعي الجديد و أقاتل." بعناد أنه سوف يتحسن، عاد أحمد إلى منزله من منزل والديه حيث كان يسكن. "بدأت العلاج الفيزيائي و التمارين في المنزل. أردت أن أتحرك دون مساعدة من أحد."
نتيجة لتصميمه و العلاج الفيزيائي المستمر، أصبح أحمد قادراً على الحركة في النهاية بدون مساعدة. في البداية اعتمد على بعض المساعدة من والديه و المساعدات الإنسانية قصيرة الأمد، و لكن أحمد كان مصراً على أن يكون مستقلاً مادياً.
فتح ورشة لتصليح الأدوات مثل أباريق الشاي و الطناجر و مواد أخرى. "كان الناس يتفاجؤون لرؤيتي، رجل مشلول و يعمل. بنيت سمعة حسنة من خلال مهاراتي. يأتي الناس من خارج القرية إلى ورشتي لأصلح لهم أغراضهم. يوماً بعد يوم، بدأت الاعتماد على نفسي."
هذا لم يكن ليبقى، خطوط الاشتباك المتغيرة و العنف المصاحب لذلك دفعا أحمد بعيداً عن القرية حيث كان يعشي و يعمل. عندما كان القتال يهدأ، كان أحمد و عائلته يعودون إلى قريتهم المهجورة. "كانوا قرى كقرى الأشباح. لم يكن هنالك من أي شخص، لم يجرؤ الناس على إعادة فتح محالهم من جديد. كان هنالك الكثير من النازحين الذين يسكنون في قريتنا، و لكن بعد أن هجرنا لم يعد أحد منهم."
مصمم كعادته، بحث أحمد عن عمل جديد. "سمعت عن مشروع النقد مقابل العمل و ذهبت إلى المجلس المحلي لأقدم طلباً. سألني المسؤول عن التسجيل أنه في حال تم قبولي فكيف سوف أتحرك؟ أخبرته أنه لدي دراجة نارية بثلاث عجلات قمت بتعديلها بنفسي. تم قبول طلبي في المشروع و الآن أنا واحد من أنشط العمال."
يرفض أحمد أن يدع إعاقته تحد من طموحه. "لدي الإرادة و التصميم على العمل. لا أريد أن أعتمد على الآخرين من ليدعموني. أصبحت مثالاً يحتذى به للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة مثلي. لقد حذفت كلمة لا أستطيع من قاموسي. إذا أقنعت نفسك بأنك لا تقدر، لن تكون قادراً على القيام بأي شيء."
من خلال الدعم المقدم من قبل مشروع النقد مقابل العمل، استطاع أحمد أن يدفع بعضاً من ديونه و يحضر مونة الطعام لعائلته لمساعدتها على تجاوز الشتاء القاسي في سوريا. متطلعاً إلى المستقبل، يأمل أحمد يوماً ما أن يكون قادراً على إعادة فتح ورشته لتصليح السيارات مع ابنه الأكبر، الذي يتدرب الآن ليكون ميكانيكياً.
بالنسبة لرجل لديه مثل هذا التصميم، من الصعب الشك أنه لن يحقق ما يصبو إليه. و لكن الطريق أمامه ما زال طويلاً، و تكاليف المعيشة تثقل كاهل أحمد، كون أسعار المواد الأساسية قد ارتفعت كثيراً خلال السنتين الماضيتين. في نفس الوقت، بالرغم من أن أحمد يحاول قدر المستطاع أن يجابه الظروف لكنه ما يستطيع القيام به ما يزال محدوداً بسبب شلله و لا يستطيع أن يعمل خارج قريته.
لكن الأمل هو أمر قوي. أحمد قد نجا بسبب الأمل و إرادته التي لا تكسر، و هو يؤمن أن هذه الصفات سوف تعبر به مهما كانت الظروف التي سيواجهها. "عندما نفقد الأمل، لا يمكننا أن نحقق أي شيء. أنا شخص مصمم و عنيد. عندما أضع هدفاً نصب عيني، أعمل بكل جهدي كي أحققه." قال لنا.