"أريد أن أحيا حياة أفضل من التي أعيشها الآن في هذا المخيم"
نشرت: ٢٨/١١/٢٠٢٢ وقت القراءة: 5 دقائقخلال أحدى عشر عاماً من الحرب، قاسى السوريون الكثير من الصعاب، خصوصاً الأطفال فالكثير منهم لا يعرفون الحياة خارج المخيمات حيث يسكنون مع عائلاتهم. واحدة من أهم الأمور التي فقدها الأطفال في الحرب هي الحق في التعليم، و الفرصة للعب و الاستمتاع بطفولتهم. تعمل منظمة الناس في حاجة PIN للتغلب على هذه المشكلة و مساعدة المتضررين من الحرب في سوريا.
بعض الأطفال ولدوا في بداية الحرب و لم يذهبوا إلى المدرسة أبداً. و لكن بعض منهم غير مرتاحين مع فكرة بدء الدراسة في فترة لاحقة من حياتهم. "لقد كنت صغيراً جداً قبل الحرب، و بسبب الصراع لم يكن هنالك مدارس. الآن أنا كبير جداً لأكون في الصف الأول،" قال محمد، 15 سنة من مخيم للاجئين في شمال سوريا.
الكثير من الأطفال تركوا المدرسة بسبب الحرب. "أنا لا أذهب إلى المدرسة، لقد درست الصف الأول و الثاني قبل أن نغادر قريتنا،" قالت وفاء، مراهقة من المخيم نفسه الذي يقطن فيه محمد.
هنالك عدد من العوامل التي ماتزال تجبر الأطفال على البقاء خارج المدرسة، بما في ذلك التصعيد في العنف و النزوح و تفاقم الفقر و شح الموارد لإعادة بناء النظام التعليمي السوري المتهالك. "هنالك مجموعة كبيرة من الأطفال و خصوصاً الفتيات اضطروا لترك المدرسة و لا يعرفون القراءة و الكتابة، و بعض من هذه الفتيات مطلقات، بالرغم من أعمارهن لا تتجاوز 16 أو 17 عاماً،" قالت لنا أماني، مبادرة في فريق التعليم و الصحة النفسية في منظمة الناس في حاجة.
تعمل منظمة الناس في حاجة PIN لتجاوز هذه المشاكل و مساعدة المتضررين من الحرب في سوريا. في شمال سوريا، أنشأت المنظمة مساحات صديقة للطفل في المخيمات للأطفال من عمر 5 إلى 17 عاماً لتقديم نشاطات تعليمية عاطفية و اجتماعية، دروس التعليم غير الرسمي (مهارات القراءة و الحساب)، و جلسات مهارات الأبوة لمقدمي الرعاية.
هذه كانت فرصة للأطفال من أجل أن يتعلموا القراءة و الكتابة، من أجل أن يستطيعوا الحصول على مهنة تساعدهم في حياتهم المستقبلية، بالإضافة إلى نشاطات ترفيهية. لقد كانت فرصة لهم للترفيه عن أنفسهم و الاستمتاع و المرح و الشعور بأنه ما زالوا أطفالاً. "لقد حقق المشروع هدفه في على أكثر من صعيد. فقد انتقل الأطفال من كونهم لا يستطيعون القراءة و الكتابة إلى مستوى جيد في هذه المهارات، إن تعليمهم كيف يتصرفون في الكثير من المواقف التي قد تواجههم في حياتهم و كذلك تعويدهم على الانضباط هو إنجاز." قال ياسر، مبادر في فريق التعليم و الصحة النفسية في منظمة الناس في حاجة. "لقد لاحظنا هذا من خلال تغير سلوك الأطفال و رغبة الأهالي بتمديد المشروع لفترة أطول،" قالت أماني.
هنالك تأثيراً كبير على المجتمع من خلال جلسات الأبوة المقدمة من المساحات الصديقة للطفل. "كنا نناقش مواضيع مهمة حول كيفية التعامل مع الأطفال من مختلف الأعمار، و قد كان معدل حضور الآباء لهذه الجلسات جيد جداً،" قالت أماني.
صالحة، فتاة عمرها 14 عاماً تعيش في مخيم للاجئين في شمال سوريا. درست الصف الأول في قريتها قبل أن تغادر القرية مع أسرتها، ولكنها تابعت دراستها في المخيم و حصلت على الفرصة للحضور إلى المساحات الصديقة للطفل من أجل تطوير مهاراتها لتصبح أفضل في المدرسة و تحقيق حلمها. "أحب النشاطات في المساحات الصديقة للطفل كثيراً. كنا نلعب و نتعلم الكثير من الأشياء: الدروس كانت مفيدة جداً لدراستنا. لقد تحسن مستواي الدراسي و أصبحت طالبة مجدة. أريد أن أصبح طبيبة، هذه أفضل مهنة في مجتمعنا، و أنا أريد أن أكون الأفضل في كل شيء. أريد أن أحيا حياة أفضل من هذا المخيم،" قالت صالحة.
صالحة تذهب إلى مدرسة ثانوية خارج المخيم في قرية مجاورة. كانت قلقة من كونها لن تستطيع أن تكون صداقات جديدة و لكن الآن تشعر بشعور أفضل. "أحب الدروس حول كيفية تكوين صداقات جديدة، لقد كان أمراً رائعاً أن استخدم هذه المهارات لتكوين صداقات في المدرسة الجديدة،" قالت لنا.
وفاء لا تذهب إلى المدرسة و هذا كان تحدياً كبيراً لها لتكوين صداقات و لقاء أصدقائها. كانت سعيدة جداً لمقابلة أصدقائها و الاستمتاع بوقتها معهم. "هذه كانت فرصة لي من أجل أن أخرج من الخيمة و أن أذهب لرؤية أصدقائي و الاستمتاع بالنشاطات معهم بالإضافة إلى تعلم القراءة و الكتابة. أحب أن ألعب تنس الريشة، هي لعبة ممتعة جداً. أحب أن العب مع الفتيات الأخريات،" قالت لنا.
محمود، الذي لم يذهب أبداً إلى المدرسة، كان لديه صعوبة كبيرة في تكوين صداقات مع أطفال آخرين و التعامل مع روتينه اليومي. كانت فرصة جيدة له لتطوير مهاراته. "أحببت الأساتذة، كانوا مثل أخوتنا، تعلمنا الكتابة و القراءة و كثير من المعلومات حول الرياضيات و في نفس الوقت كنا نلعب و نتعلم حول الحياة و تكوين علاقات جيدة مع الأصدقاء و العائلة و الناس الآخرين. أحببت الألعاب التي كنا نلعبها في المركز التعليمي و التي تعتمد على الذاكرة و استخدام حواسنا،" قال لنا.
يشعر ياسر بمشاعر جميلة و رائعة عندما يرى الأطفال الذين لم يكن لديهم فرصة للعب أو التعلم من قبل و لكنهم الآن يمارسون حقهم و يأخذون ما تم سرقته منهم بسبب الصراع.
تؤمن أماني أن حفل التخرج و التفاعل بين الأطفال في النشاطات التي سيقدمونها في الحفل كانت من أجمل الذكريات. "كان الأطفال يتدربون على هذه النشاطات و كانوا متحمسين جداً لأنهم سوف يقدمون هذا الحفل و سوف تحضره عائلاتهم،" قالت أماني. "عندما كنا نسلم شهادات التخرج للأطفال، واحدة من الأطفال بكت لأن هذه الفترة قد انتهت. لم تكن تريد أن ينتهي المشروع و أن تستمر في القدوم إلى المساحات الصديقة للطفل،" قالت لنا.
كل الشكر للوكالة السويسرية للتنمية و التعاون (SDC) لتمويلهم خلال الدورة الأخيرة، دعمت منظمة الناس في حاجة 1,876 طفل خلال ستة أشهر في شمال سوريا و زودت الأطفال بتعليم غير رسمي و نشاطات دعم نفسي لمساعدتهم على العودة إلى الحالة النفسية الطبيعية و تجاوز آثار الحرب.