صعدنا على الجبال لنختبئ: عودة الفتيات من النزوح

من نافذة الصف وخلف سور الباحة، نتحدر الأرض إلى سفوح وأطلال بلدة سنجار القديمة، وبعد ذلك الجبال نفسها. هذه القمم المغطاة بالشجيرات والتي تطل على مدرسة سنجار الثانوية للبنات تبقى كتذكار على معاناة الكثير من الأطفال والعائلات. عندما قامت ما تسمي نفسها "بالدولة الإسلامية" بدخول سنجار تحت غطاء ظلام النهار في الثالث من آب، سنة 2014، 50,000 يزيدي هربوا إلى سلسلة الجبال.

"كنا نجهز أنفسنا للذهاب إلى مستشفى عندما أخبرونا أن (داعش*) تقترب من سنجار،" قال الياس، ممرض محلي وأب لواحد من الطلاب. "صعدنا إلى الجبال وبقينا هناك لأربعة أيام بدون أي طعام أو ماء، ومع ملاحقة (داعش*) لنا خطوة بخطوة. عائلتي وأنا بالكاد بقينا أحياء. لقد رأينا الكثير من الأشخاص يموتون من العطش أمام أعيننا."

الكثير من التلاميذ كانوا أطفالاً صغاراً في ذلك الوقت، البعض كانوا أصغر من أن يتذكروا أي شيء على الإطلاق. و لكن من بين ذكرياتهم الضبابية، بعض المشاهد ما تزال محفورة في عقولهم. فاطمة كانت فقط سبع سنوات عندما أجبرت علة مغادرة سنجار مع عائلتها.

"لقد تضررنا كثيراً بسبب (داعش*). كنت فتاة صغيرة ولا أتذكر الكثير. بينما كنا على الطريق خارج سنجار، أوقفوا ابنة عمي وزوجها. ضربوه حتى الموت. لم تستطع إلا وأن تهاجمهم، فقاموا بقتلهم سويةً. هذا حدث أمام عيني."

فاطمة فتاة مراهقة عادية. هي تحضر دروس المدرسة 5 أيام في الأسبوع، تقضي وقتها مع أصدقائها وتذهب برحلات عائلية كل عطلة نهاية أسبوع. تجلس فاطمة في مكتب المدير، محاولة عدم تجعد زيها بينما تنتظر أختها الكبيرة لتأخذها بعد انتهاء الدروس. "استمتع كثيراً بالمدرسة هنا مع أصدقائي،" تقول فاطمة، "استمتع بدروس اللغة العربية – أريد أن أكون محامية يوما ما."

فاطمة وعائلتها عادوا إلى سنجار منذ سنتين. المدرسة التي تذهب إليها دعمتها منظمة الناس في حاجة من خلال التمويل المقدم من وزارة الخارجية التشيكية. مع هذا التمويل، قدمت منظمة الناس في حاجة دروس تعويضية، سلال للتلاميذ، تدريب للأساتذة والميسرين، ودعم نفسي للأطفال، من بين كثير من النشاطات. من خلال قيامها بذلك، فإن مشروع المنظمة الممول من وزارة الخارجية يدعم المدارس المحلية لتوفير التعليم المحتاج بشدة للعائدين.

التعليم المعاد تأسيسه في سنجار مكن الأطفال مثل فاطمة من الحصول على فرصة ثانية لطفولة عادية. هنالك أكثر من 850 طالب هنا، وتقريباً جميعهم قد عانوا من النزوح والأزمات والمآسي. وكذلك الأساتذة ومن بينهم، المديرة هدى.

"قبل 2014، سنجار كانت مدينة السلام حيث كنا جميعاً نعيش مع بعضنا البعض: مسلمين ومسيحيين و يزيديين،" تقول هدى. كانت واحدة من الأقلية المسلمة التي تسكن سنجار، ولكن في وجه ما تدعي نفسها (الدولة الإسلامية)، تعرض المسلمون أيضاً للصعوبات مثلهم مثل جيرانهم اليزيديين.

"لقد بدأوا بالقتل، إطلاق النار وتدمير الكثير من الكنائس والأماكن الأخرى مما اضطر الناس على الهرب إلى الجبال، لكن (داعش*) تبعنا وألقى القبض على الكثير من الأشخاص. قضينا الليل ونحن نسافر على أقدامنا لننجو فقط. احتميت في حظيرة لمدة ثلاث أيام من أجل أن أختبئ منهم." 

عندما عادت إلى سنجار وأصبحت المديرة، وجدت هدى ولكونها مسلمة أن بعض تلميذاتها كنا خائفات منها. "في البداية، كان الأمر صعباً لأني أنسة مسلمة وغالبيتهن يزيديات. ولكن عندما رأت الطالبات كيف أعاملهن وكيف أهتم بهن، بدأن بتقبلي، خاصة عندما شرحت لهم كيف أني أعرف معانتاهن لأننا قد مررنا خلال الأوقات الصعبة نفسها،" تقول هدى.

"نحاول أن نشرح لهن أهمية السلام، و أن الأفعال الفظيعة التي قامت بها (داعش*) أثرت علينا جميعاً. لقد استهدفونا جميعاً، من كل الأديان."

يتشارك الناس من سنجار فترات مأساوية من تاريخهم. لكن الآن، هم يقومون ببناء مستقبلهم معاً: التعليم هو عنصر مهم من أجل إعادة البناء طويلة الأمد للمجتمع في المدينة.

الضوضاء الصاخبة من الممر تخفت، والشمس تغرب، مرسلة ظل طويلاً على طول الباحة. يخيم الصمت من الجبال وعبر القرية. الأطفال قد عادوا إلى منازلهم، وهدى تمشي ما بين الصفوف الفارغة. "أقوم بأفضل ما يمكنني لأن أكون موجودة خلال أفراحهم وأتراحهم،" تقول بصوت ناعم، "لأني أحبهن كثيراً."

We Went Up to the Mountains: The Return of Displaced Girls in Sinjar

Datum: ٢٨‏/١١‏/٢٠٢٢   Místo: Iraq   المؤلف: Kieran Seager   

More

*ما تطلق على نفسها (الدولة الإسلامية)

كل الشكر لوزارة الخارجية التشيكية لمساعدتها بتمويل نشاطات التعليم التي تقوم بها منظمة الناس في حاجة في العراق. هذا الدعم ضروري لتمكين المنظمة من الاستمرار بدعمها الضروري للمجتمعات الضعيفة.