تشكيل مستقبل المجتمع السوري من خلال التعليم
نشرت: ٠٨/٠٤/٢٠٢٤ وقت القراءة: 4 دقائق"من خلال الاستثمار في تعليم الأطفال، نقوم بتشكيل مستقبل مجتمعنا،" تقول ميساء، مديرة ومعلمة في إحدى المدارس المدعومة من قبل منظمة الناس في حاجة في إدلب في شمال غرب سوريا.
إن الوضع الإنساني الحالي في شمال غرب سوريا يقدم صورة قاتمة عن مستقبل الأطفال، خصوصاً عندما يتم التركيز على الاحتياجات التعليمية. بناءً على أخر التقييمات، تصارع البلاد مع أزمة تعليم ضاغطة ومما يزيد من تفاقمها الهجرة الجماعية المؤلمة للمعلمين المؤهلين والباحثين عن فرصة عمل في الخارج.
صعوبات وانتصارات التعليم في سوريا
يعتبر المعلمون في سوريا بصيص أمل، حيث يساعدون الأطفال على الحلم بعيداً عن ظروفهم الصعبة، ويرشدونهم من خلال المناهج لتجاوز صدمات الحرب. لكن هذا الأمل في خطر. الكثير من المعلمين المؤهلين يغادرون البلاد بحثاً عن الاستقرار وفرص العمل الأفضل والمستقبل الأفضل. هذا القرار نتيجة التحديات الصعبة التي يواجهونها يومياً.
مياسة، مدرسة من إدلب، تسلط الضوء على ثلاثة من هذه التحديات. تضع خطاً حول الواقع الاقتصادي الصعب للمعلمين. "بعض الأساتذة مازالوا يعملون بشكل تطوعي، بينما الغالبية لا تحصل على أجرها خلال ثلاث أشهر من العطلة الصيفية،" تقول مياسة. بالرغم من ذلك فإن الصعوبات المالية ليست العائق الوحيد. جودة التعليم هي أيضاً عامل مهم. "بالنسبة للأساتذة المتخرجين حديثاً،" توضح مياسة، "هنالك فقدان واضح للتدريب الجيد وحاجة ماسة لتحسين أساليب التدريس لديهم."
أيضاً، يعاني المعلمون مع المناهج الدراسية القديمة، غياب مواد التعليم الضرورية، والتأثير الأكبر بسبب ظروف الحياة الصعبة بما في ذلك النزوح.
لكن ماذا بالنسبة للأطفال؟
وضع التعليم في سوريا فوضوي. حيث يحتاج 6.7 مليون طفل إلى خدمات التعليم الطارئة. وهنالك مؤشر خطير لعدد الطلاب المتسربين من المدارس، حيث يوجد حوالي مليوني طفل في العمر ما بين 6 إلى 17 عاماً متسربين من التعليم. بالإضافة إلى ذلك، يتم التغاضي عن السنوات الرئيسية: فقط 11% من الأطفال بعمر 4 سنوات و36% من الأطفال بعمر 5 سنوات قد شاركوا في أي نوع من أنواع التعليم, هذا الفقد للتعليم المبكر يهدد جاهزيتهم للتعليم المدرسي.
لقد القت صعوبات الحياة اليومية في سوريا بظلالها على قيمة التعليم. الاهتمام بالتعليم يقل بين الأطفال والأهالي بسبب ظروف المعيشة التي تسوء يوماً بعد يوم. الظروف الصعبة دفعت الكثيرين خارج المدارس، ينما لا ترى بعض العائلات أي قيمة للتعليم على المدى الطويل.
"النزوح مضافاً إلى الصعوبات،" توضح مياسة، وتضيف، "الطلاب الأكبر عمراً بعد سنوات من الانقطاع عن التعليم في الغالب يشعرون بالخجل لحضور الصفوف مع الأطفال الأصغر سناً. مع أنه اليوم أصبح شائعاً أن تجد طفلاً عمره 15 عاماً لا يعرف القراءة أو الكتابة."
يواجه الطلاب الكثير من الشكوك. الكثير منهم يسأل نفسه عن فوائد دروسه بينما يحاولون التفكير في التطبيق العملي لتعليمهم في الحياة الواقعية. التخوف لا يتوقف هنا. أكثر من نصف الطلاب يثيرون المخاوف عن الظروف الصحية غير الملائمة، حيث أنها ليست بيئة مناسبة للتعليم.
إن تداعيات هذه الصعوبات تمتد إلى ما هو أكثر من الطلاب. يجب على الأساتذة أيضاً حمل عبء ثقيل، غالباً ما يتركون لوحدهم لإدارة العملية التعليمية دون المساعدة من الكثير من الشركاء.
"التعليم هو عملية تتطلب التعاون بين المدرسين والأهالي،" توضح مياسة. بالإضافة إلى ذلك، تشرح مياسة وجهة نظر حول دور الأساتذة: "يجب التفكير أن المدرسة هي منزل الطلاب الثاني،" تقترح، "من المهم الاهتمام بالطلاب كما نهتم بأطفالنا. التفاعل والإرشاد من الأساتذة للطلاب ليس خياراً، بل هو مسؤولية." بالنسبة لها التعليم محوري في صناعة المستقبل.
المناصرة للتعليم
"من خلال الاستثمار في تعليم الأطفال، نشكل مستقبل أطفالنا،" تقول مياسة. هذا الإيمان يشهد على أهمية النمو والتنمية منذ عمر صغير. الاستثمار في التعليم هو ليس فقط حول التطور الأكاديمي، هو حول تمهيد الطريق نحو مجتمع أكثر إشراقاً.
من ضمن هذه الرؤية، قامت منظمة الناس في حاجة وبتمويل من آلية الاتحاد الأوروبي لدول الجوار، بأخذ خطوات فعالة لرفع سوية التعليم في سوريا من خلال دعم كل من الأساتذة والطلاب، في الوقت نفسه الذي تنشئ فيه بيئة أفضل للتعليم. من خلال المبادرات الأخيرة، قمنا بنجاح بتحويل سبعة مراكز من التعليم غير النظامي إلى التعليم النظامي في السنة الدراسية الفائتة، مما يؤثر بشكل إيجابي على حياة حوالي 184 موظف وضمان أن يتلقى حوالي 3000 طالب الدعم والتعليم الذي يستحقونه.
من خلال الاستجابة لهذه التحديات، نأمل أن نحقق أكثر من هذا النجاح، نقوم ببناء حجر الأساس لمجتمع أقوى. نؤمن أنه من خلال مبادرات دعم التعليم، لا نحسن فقط من المستوى المعيشي على مستوى شخصي ولكن أيضاً تحسين ظروف المعيشة في المجتمع.
كما توضح الأنسة ميساء، "إن تحسين الظروف المعيشية للمجتمع ككل سوف يحسن من ظروف العملية التعليمية." إن جهودنا تهدف من اجل ضمان أن يتم تزويد كل طالب ومدرس ببيئة مناسبة للتعليم، مما يمهد الطريق لمستقبل جماعي أكثر إشراقاً