سيدات الصمود من العراق

نشرت: ١٥‏/٠٣‏/٢٠٢٣ وقت القراءة: 5 دقائق
للاحتفال بيوم المرأة العالمي، تتكلم المسفيدات كيف ساعدهن مشروع الإعانة المالية متعددة الاستخدامات وساهم في تقويتهن.
© Foto: منظمة الناس في حاجة

قصص عن سيدات من العراق كن قادرات على تغيير حياتهن وبدأ مشاريعهن الخاصة.

الحياة في العراق اليوم بعيدة جداً عما كانت عليه قبل هجوم ما تدعي نفسها الدولة الإسلامية في العراق والشام حيث أن البلد مدمر ومقسم. كونه ضحية لكثير من الحروب، تعرض العراق لكثير من الصدمات في العشرين السنة الفائتة. ابتلي العراق بالحرب وعدم الاستقرار السياسي لعقود من الزمن مما سبب صعوبات واضحة للسكان، خصوصاً النساء اللواتي واجهنا الشدائد التي تقيدهن في أدوارهن التقليدية، مما حد من قدرتهن على الوصول إلى الوظائف والتعليم. 

بحسب بعثة الاتحاد الأوروبي، 62% من النساء العراقيات غير موظفات. لكن، بالرغم من الفرص المحدودة والعقبات التي واجهتهن، الكثير من النساء العراقيات قد برهن على قدرتهن على النجاح وكونهن عضوات فاعلات في المجتمع.

في هذا المقال، سوف نتعرف على قصص بعض من هؤلاء النساء المميزات والذين تركوا لوحدهن ليحملوا عبء أنفسهن وأطفالهن ووجب عليهم تجاوز الصعوبات والتأثير على مجتمعهن بشكل إيجابي.

"حتى لو أننا نعيش في قرية صغيرة، فإن طموحاتنا لم تمت." -إيلاف*، 39 سنة، امرأة عراقية تعيش في قرية الحضر شمال العراق. 

في قلب قرية الحضر تعيش إيلاف، أم لخمس أطفال، فقدت زوجها وبقيت لوحدها لتربية أولادها الخمسة وتلبية احتياجاتهم. "كأرملة، أنا ألعب دور الأبوين لأطفالي. أنا مسؤولة عن تربيتهم ودعمهم عاطفياً ومالياً،" شرحت لنا.

تقع قرية الحضرة في شرق محافظة نينوى في شمال العراق. بسبب ظروف الحياة الصعبة وقلة الموارد، الكثير من العائلات أجبرت على الاعتماد على الزراعة وتربية الماشية. كانت إيلاف* تجلس على كومة من السجاد في زاوية الكوخ المضاء بضوء خفيف من الداخل ببعض من أشعة الشمس الفضية التي تدخل عبر الباب. نظرت إلى الأعلى وقالت بابتسامة خافتة، "كان حلمي أن أكون معلمة. لو أكملت تعليمي لكانت حياتي مختلفة،" قالت، "حتى لو أننا نعيش في قرية صغيرة، نحن مليؤون بالطموح."

في بعض الأماكن في العراق مازال يرفض تعليم الفتيات بسبب الكثير من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. تصر إيلاف على تعليم بناتها، وهو الأمر الذي لم تحصل عليه هي بنفسها. في منطقتها، تعليم الفتيات ليس أولوية. نتيجة لذلك إحدى بنات إيلاف ذات الثمانية عشرة عاماً أجبرت على ترك المدرسة بعد الصف الخامس. بعد ذلك تزوجت بواحد من أبناء عمومتها بعمر الرابعة عشرة. بالرغم من الصعوبات، مازالت إيلاف تصر على هدفها بضمان تعليم أولادها وبقائهم في المدرسة. "أريد أن تتعلم ابنتي وأن تكون مستقلة،" قالت لنا، "أريد أن تكون لديهم حياة أفضل من التي كانت لدي."

من خلال مساعدتنا النقدية وتدريب محو الأمية المالية، استطاعت إيلاف تبني عقلية أكثر استدامة وتوفير احتياجات عائلتها من خلال دخلها. "هذه المنحة أنقذتنا، لقد دعمتنا وأمنت لنا طريق مستدام. بسبب هذا التمرين، اشتريت بعض الدجاج والذي يوفر لنا البيض،" قالت. "الآن على الأقل، نحن نعرف أننا إن لم نكن قادرين على بيع البيض فيمكننا أكله."

استطاعت إيلاف أيضاً من خلال هذه المنحة شراء مستلزمات المنزل الضرورية والملابس لأطفالها. "عاد ابني من المدرسة سعيداً لأن المعلمة امتدحت ملابسه الجديدة،" أضافت. "ابنتي ذات العشر أعوام سألتني لشراء قطعة حلوى لها وكنت سعيدةً جداً عندما استطعت شراءها لها."

كانت إيلاف دوماً الصخرة التي يستند عليها أطفالها، حيث كبروا وهم يرون أمهم تعمل دون كلل لتوفير معيشتهم. ابنتها ذات الثمانية عشرة عاماً ترى أمهم قدوتها وتطمح لأن تكون مثلها. "لطالما حلمت ابنتي أن تكون محامية من أجل أن تدافع عن حقوق النساء،" تقول إيلاف. "أريد أن يدرس أطفالي من أجل أن يخرجوا من هذا الوضع، أريدهم أن يتطوروا وأن يروا العالم ويربوا أولادهم في المستقبل في ظروف أفضل،" ختمت حديثها. 

التغلب على الشدائد

أصحبت الحياة في الحويجة في محافظة كركوك في العراق صعبة بشكل خاص خلال السنوات الفائتة وذلك بسبب تاريخ المدينة الحافل بالصراعات وعدم الاستقرار. الكثير من النساء تضررن بسبب العنف والتهجير. بالرغم من أن الوضع الأمني تحسن نوعاً ما، الأيام الصعبة أتلفت حياة النساء العراقيات وأخذت منهن أحبائهن. ولكن بالرغم من كل هذا، فالكثير من النساء العراقيات ثبتن وأعدن بناء حياتهن بالقوة والإصرار.

إسراء، امرأة عراقية تعيش في منزل صغير مع أربعة من أفراد أسرتها. بسبب الوضع المالي الصعب وقلة فرص العمل، لم تكن قادرة على الاعتناء بأمها وطفليها الذين يعانون من مرض السكري. بعد أن تلقت الإعانة المالية متعددة الاستعمالات وتدريب محو الأمية المالية، استطاعت أن تستثمر المال وأن تؤسس مشروعها الذي يوفر لها دخلاً مالياً لتغطية احتياجات أسرتها الأساسية.

"من خلال المال الذي تلقيته اشتريت ماكينة خياطة وبعض القماش. مشروعي يكبر بشكل تدريجي بعد أن بدأت النسوة في القرية بشراء الملابس وخياطتها في ورشتي،" تقول.

كانت شيماء تمتلك بسطة صغيرة لبيع الخضروات استطاعت تحويلها إلى محل صغير بعد أن تلقت الإعانة المالية وتدريب محو الأمية المالية. "هذا الدكان هو مصدر الدخل الرئيسي لعائلتي ولي. قبل ذلك كنا نعيش في وضع حرج،" تقول. "لقد استطعت الانتقال من بسطة صغيرة إلى صاحبة دكان يبيع المواد الغذائية وغير الغذائية."

تستثمر شيماء الدخل في دفع الديون وشراء كميات أكبر وأنواع أكثر من المواد وكذلك تغطية احتياجات عائلتها. "أنا مسرورة جداً أنه اتيحت لي هذه الفرصة. كنت أنتظرها منذ زمن طويل،" تشرح لنا. "هذه المساعدة خففت الصعوبات في تلبية احتياجات أسرتي اليومية. أتمنى أن أوسع دكاني أكثر وأكثر." 

من صاحبة دكان إلى خياطة ومربية للماشية. تقدم النساء العراقيات مساهمات مميزة لمجتمعهن وتظهرن للعالم ما هو معنى الصمود. دخول النساء إلى سوق العمل هو واحد من عوامل التنمية المستدامة وكذلك عامل مهم في تحقيق هيكل دائم ومتوازن للنمو والتنمية. 

بفضل الدعم المقدم من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)، والتمويل الدولي للعراق (IHF)، استطاعت منظمة الناس في حاجة ضمن تحالف مع مؤسسة صروح للتنمية المستدامة ومنظمة تمكين المرأة، تقديم 820 منحة مالية متعددة الاستعمالات وتدريب محو الأمية المالية إلى العائلات المحتاجة في أكثر من منطقة في العراق بهدف مساعدتها على تلبية حاجاتها.

*تم تغيير الأسماء بغرض الحماية

Autor: زينب ميلادان، المدير الإقليمي للتواصل والمناصرة للشرق الأوسط

مقالات مرتبطة